القضاء يقتص من وحوش آدمية هزت وجدان مصر
القصة الكاملة لجرائم ومحاكم «التوربيني»
حسين عبد القادر (القاهرة)
“التوربيني” وعصابته هزوا وجدان مدن وقرى بلدات مصر بجرائم اشبه بالدراما الحزينة.. الضحايا فيها اطفال عصف التفكك الاسري بهم.. واكمل “التوربيني” مأساتهم بعد ان وضعهم امام وحوش آدمية ألقت بأجسادهم الصغيرة فوق قضبان سكة حديد.
البداية كانت لغز اختفاء الطفل احمد ناجي ومقتله والعثور على جثته.. ليجد ضباط المباحث المصرية انفسهم امام عصابة متوحشة وعشرات الضحايا الذين اعتدى عليهم التوربيني وعصابته.
توصل الامن المصري الى جثث الضحايا فوق قضبان سكة حديد ولم يكن التعرف على ملامح الجثث سهلاً.
المعاناة الحقيقية لضباط الأحداث بدأت بعد تحديد شخصية أفراد العصابة و تم القبض عليهم فعلا” . وتمثلت في تمتع العصابة بذكاء و دهاء إجرامي شديد بدأها زعيم العصابة رمضان التوربيني الذي كانت لديه القدرة على تمثيل دور الغبي أو المجنون في براعة شديدة فكان لا يعطي إجابات محددة لما يوجه إليه من أسئلة و كان يدرك انه سيستفيد من هذا الأداء التمثيلي مستقبلا” ، و على نفس الوتيرة كان معه باقي العصابة فتأتي اعترافاتهم ناقصة ويتعمدون عدم تحديد مكان التخلص من جثث ضحاياهم و تضليل الضباط.
نجح فريق البحث في كشف كثير من شخصيات جثث الضحايا المشوهة بعد استخدام تحاليل البصمة الوراثية D.N.A بمطابقة عينات الجثث مع عينات عائلات الأطفال الهاربين مثل : محمد إبراهيم سالم و حسن يوسف و غيرهم
و اسقط في يد العصابة وبدأت اعترافاتهم تتوالى:
ناجي .. اول الضحايا
احيل المتهمون وتفاصيل الوقائع الى النيابة العامة في طنطا التي تولت التحقيق . وظهرت قصص مأساوية وراء كل ضحية كانت قصة أول الضحايا احمد ناجي الذي عثر على جثته في سرداب سكك حديد طنطا نموذجا حيا للخلافات الزوجية التي دفع ثمنها المسكين فبعد تفكك والديه تلقفته أسرة من زوجين لا ينجبان الزوج مسجل مخدرات و الزوجة مسجلة في قضايا أخرى ولكن بعد فترة انفصل الزوجان فأصبح الطفل في الشارع حتى تلقفته عصابة التوربيني فاغتصبوه ثم قتلوه. و هناك ضحايا آخرون للعصابة اغتصبوا ببشاعة و لكن كان للقدر كلمته فأنقذهم من القتل على غير ما خططت العصابة الآثمة.
نجحت شرطة الأحداث في التوصل الى خمسة من هؤلاء الضحايا كشهود على جرائم العصابة.
الشهود يتكلمون
قررت النيابة العامة تقديم شهود الإثبات و هم خمسة أحداث تعرضوا للاغتصاب و لكنهم نجوا من مصير باقي الضحايا ففشلت العصابة في قتلهم، و كان كل شاهد يحمل قصة غريبة وراء سقوطه ليصبح احد أطفال الشوارع.
الأول: وليد سيد مصطفى، الميت الحي و هو احد جيران عائلة التوربيني بمدينة السلام ماتت أمه أثناء ولادته وبعدها توفي والده وتولت خالته رعايته استدرجه التوربيني وعصابته الى الإسكندرية وعند عودته الى القاهرة بالقطار تم اغتصابه ثم القوا به من القطار ولحسن حظه سقط بين القطارين وليس فوق القضبان كما أرادت العصابة فلم يدهسه القطار المقابل فسقط مصابا بعدة كسور ودخل في غيبوبة تامة فشاهده المارة و نقلوه الى مستشفى إيتاي البارود وبعد عشرة أيام فاق من غيبوبته وأعطاهم عنوان خالته التي تسلمته لاستكمال علاجه وبقي شهورا مختفيا خوفا من عثور العصابة عليه رغم حالته السيئة حتى قبض عليه وكان رسميا في عداد الأموات بعد اعتراف العصابة بقتله رمياً على طريق القطار وعندما علمت أسرة زعيم العصابة برغبة وليد للذهاب للمحكمة تلقى الطفل تهديداً للتراجع لكنه لم ينس ما فعلته به العصابة و كانت الصدمة للعصابة عندما رأوه في المحكمة حيا ولم تفلح صيحات التهديد له في التراجع عن شهادته.
حناطة والتوربيني يختلفان
النموذج الثاني من الشهود الضحايا الطفل “كريم مجدي” بدأت مأساته بعد أيام من ولادته حين دبت الخلافات بين والديه واختطفه والده انتقاما من أمه وبعد سنوات ضاع منه في الزحام و أصبح من أطفال الشوارع ليسقط في براثن التوربيني و عصابته و فشلوا في قتله بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم.
وحين العثور عليه علمت بها أمه التي ظلت لسنوات تحاول اقتفاء أثره وحضرت الأم لشرطة الأحداث ومعها شهادة ميلاده وتعرفت على “وحمة” في جسده يوجد أخرى مثلها تماما في جسدها أيضا وتسلمته الأم بعد التعهد بإحضاره عندما تطلبه المحكمة و هو ما حدث فعلا حيث اعترف كريم ولم يفلح تهديد أفرادها له فهو لم ينس ما تعرض له على أيديهم.
الشاهد الثالث جمال الفطايري له قصة لا تقل إثارة عن سابقتها... ولكن الإثارة الحقيقية تمثلت في كيفية نجاته من قتله. صرخاته أمام المحكمة التي أدت الى تنحي عدد من المحامين و انسحابهم من الدفاع عن المتهمين.. انتهى أفراد العصابة من اغتصابه وقرروا تنفيذ الشق الثاني كالمتبع مع كل الضحايا بقتله.
و لكن شيئا ما جعل التوربيني يدخل مع مساعده “حناطة” في خلاف ادى الى تأجيل القتل.
انسحاب المحامين
المستشار احمد قاسم رئيس المحكمة سأل الطفل عما إذا كان له أقوال أخرى فتوقف جمال في مكانه و قال لرئيس المحكمة أتوجه بسؤال للأساتذة المحامين عما سيكون موقفهم إذا تعرض احد أبنائهم لما تعرضنا له من اغتصاب هل كان سيقف ليترافع مدافعا؟ وهنا حدث الصمت في قاعة المحكمة قبل أن يصفق الجميع مما دفع احد المحامين الى أن يطلب من رئيس المحكمة حذف هذا السؤال من محضر الجلسة لكنه فوجئ برفض طلبه كما اخبره رئيس المحكمة ان كل الوقائع و الأقوال التي تدور في القاعة لابد ان تسجل و لا يمكن إغفالها، ومرت دقائق و أعلن 3 محامين انسحابهم وتنحيهم عن الاستمرار في الدفاع عن المتهمين.
وتكتمل فصول الإثارة والمفاجئة في الجلسة ذاتها بإعلان تقرير مستشفى الأمراض النفسية عن سلامة قوى التوربيني العقلية ومسئوليته عن تصرفاته فظهر الانزعاج والاضطراب على وجهي شقيقته وشقيقه حيث بات واضحا أنهما أدركا مصير شقيقهما بل ان شخصية التوربيني الحقيقية ظهرت عقب إعلان نتائج فحصه بأنه عاقل، حيث بدأ يتصرف كشخص واع وعاقل وظهر هذا في ردوده على أي أسئلة ورفعت الجلسة إلى صباح الغد حيث خصصت الجلسة ضمن وقائعها لعرض فيلم يتضمن معاينة تصوير في أماكن ارتكاب الجرائم حيث قام أفراد العصابة بتمثيل كيفية ارتكاب جرائمهم و عندما شاهدوا صوره صرخوا و قالوا انهم تعرضوا للخداع على يد جهات التحقيق حتى يعترفوا بما قاموا به وكانوا يتصرفون بهدوء وهم يضحكون و يدخنون السجائر.
في جلسة اليوم التالي و بعد الاستماع لمرافعة النيابة استمعت المحكمة الى أقوال المتهمين الذين تم إخراجهم من القفص واحدا تلو الآخر .. “التوربيني” اعترف بجريمة واحدة واعترف الآخرون بجرائمهم في مفاجأة غير متوقعة ولاحظت المحكمة إصابة بالغة برأس كل من المتهمين محمد أبو شعيشع وحمادة بزازة وبررا امام رئيس المحكمة سبب إصابتهما من سقوطهم على أرضية دورة المياه لكن رئيس المحكمة أبدى عدم ارتياحه لما ساقوه من تبرير .. وتم كشف سبب الاصابات التي تمت داخل حجز مركز شرطة طنطا حيث كان يتم احتجاز المتهمين ونما الى علم التوربيني وعصابته نية “بزازة” وأبو شعيشع في إراحة ضمائرهما بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها وعندما فشلت العصابة في إقناعهما عن التراجع انهالوا عليهم ضربا بالرأس والركلات وتم احتجازهم وهم مكبلو الأيدي خوفا على حياتهم لكنهم في النهاية توصلوا الى الاتفاق على الاعتراف على أنفسهم وتبرئة زميلهم “مؤمن الجزار” كونه ميسور الحال و تعهد بالإنفاق عليهم في السجن.
الجلسة العاصفة
و جاءت المفاجأة الأخيرة في جلسة اليوم التالي حين تم الاستماع الى مرافعة جميع المتهمين واعلن محامي المتهمين الذي كانت النيابة قد انتدبته انسحابه عن مرافعته قائلا: انه يخجل من نفسه و يشعر بالاشمئزاز لاستمراره في الدفاع عن هؤلاء المتهمين خاصة بعدما استراح قلبه لإدانتهم.
وحين رفعت الجلسة للاستراحة على ان تعود بعد المداولة كانت لحظات ساد فيها الاعتقاد بان هيئة المحكمة ستقر تحديد الجلسة القادمة بعد عدة أيام و لكن كانت المفاجأة عندما فوجئ الجميع برجال الأمن يتلقون تعليمات من داخل غرفة المداولة بإخلاء القاعة إلا من المحامين ورجال الإعلام وفرض حراسة مشددة داخل القاعة وخارجها ما يعني ان المحكمة قررت إعلان أحكامها وان هذه الأحكام ستكون مشددة وهذا ما حدث فعلا فمجرد إعلان إحالة التوربيني وحناطة للمفتي حتى انهار التوربيني لأول مرة منذ القبض عليه ليسقط على الأرض وتتعالى صرخات جميع المتهمين في بكاء شديد ليقوم أفراد الترحيلات بإخلائهم الى خارج المحكمة وكان التوربيني قد جلس في سيارة الترحيلات ومعه حناطة و الآخرون يلطمون خدودهم وتتعالى صرخاتهم لأول مرة.
في ذات الوقت أحاط ضباط مباحث الغربية حول العقيد محمد أبو الفتوح مفتش مباحث جرائم الأحداث خوفا من تحرش احد من أهالي المتهمين الذين تعالت منهم صرخات الغضب ضد الحكم الصادر فيما إنسابت دموع أهالي الضحايا و لكنها كانت دموع الرضا بعدما اقتصت العدالة لأرواح أبنائهم.
القصة الكاملة لجرائم ومحاكم «التوربيني»
حسين عبد القادر (القاهرة)
“التوربيني” وعصابته هزوا وجدان مدن وقرى بلدات مصر بجرائم اشبه بالدراما الحزينة.. الضحايا فيها اطفال عصف التفكك الاسري بهم.. واكمل “التوربيني” مأساتهم بعد ان وضعهم امام وحوش آدمية ألقت بأجسادهم الصغيرة فوق قضبان سكة حديد.
البداية كانت لغز اختفاء الطفل احمد ناجي ومقتله والعثور على جثته.. ليجد ضباط المباحث المصرية انفسهم امام عصابة متوحشة وعشرات الضحايا الذين اعتدى عليهم التوربيني وعصابته.
توصل الامن المصري الى جثث الضحايا فوق قضبان سكة حديد ولم يكن التعرف على ملامح الجثث سهلاً.
المعاناة الحقيقية لضباط الأحداث بدأت بعد تحديد شخصية أفراد العصابة و تم القبض عليهم فعلا” . وتمثلت في تمتع العصابة بذكاء و دهاء إجرامي شديد بدأها زعيم العصابة رمضان التوربيني الذي كانت لديه القدرة على تمثيل دور الغبي أو المجنون في براعة شديدة فكان لا يعطي إجابات محددة لما يوجه إليه من أسئلة و كان يدرك انه سيستفيد من هذا الأداء التمثيلي مستقبلا” ، و على نفس الوتيرة كان معه باقي العصابة فتأتي اعترافاتهم ناقصة ويتعمدون عدم تحديد مكان التخلص من جثث ضحاياهم و تضليل الضباط.
نجح فريق البحث في كشف كثير من شخصيات جثث الضحايا المشوهة بعد استخدام تحاليل البصمة الوراثية D.N.A بمطابقة عينات الجثث مع عينات عائلات الأطفال الهاربين مثل : محمد إبراهيم سالم و حسن يوسف و غيرهم
و اسقط في يد العصابة وبدأت اعترافاتهم تتوالى:
ناجي .. اول الضحايا
احيل المتهمون وتفاصيل الوقائع الى النيابة العامة في طنطا التي تولت التحقيق . وظهرت قصص مأساوية وراء كل ضحية كانت قصة أول الضحايا احمد ناجي الذي عثر على جثته في سرداب سكك حديد طنطا نموذجا حيا للخلافات الزوجية التي دفع ثمنها المسكين فبعد تفكك والديه تلقفته أسرة من زوجين لا ينجبان الزوج مسجل مخدرات و الزوجة مسجلة في قضايا أخرى ولكن بعد فترة انفصل الزوجان فأصبح الطفل في الشارع حتى تلقفته عصابة التوربيني فاغتصبوه ثم قتلوه. و هناك ضحايا آخرون للعصابة اغتصبوا ببشاعة و لكن كان للقدر كلمته فأنقذهم من القتل على غير ما خططت العصابة الآثمة.
نجحت شرطة الأحداث في التوصل الى خمسة من هؤلاء الضحايا كشهود على جرائم العصابة.
الشهود يتكلمون
قررت النيابة العامة تقديم شهود الإثبات و هم خمسة أحداث تعرضوا للاغتصاب و لكنهم نجوا من مصير باقي الضحايا ففشلت العصابة في قتلهم، و كان كل شاهد يحمل قصة غريبة وراء سقوطه ليصبح احد أطفال الشوارع.
الأول: وليد سيد مصطفى، الميت الحي و هو احد جيران عائلة التوربيني بمدينة السلام ماتت أمه أثناء ولادته وبعدها توفي والده وتولت خالته رعايته استدرجه التوربيني وعصابته الى الإسكندرية وعند عودته الى القاهرة بالقطار تم اغتصابه ثم القوا به من القطار ولحسن حظه سقط بين القطارين وليس فوق القضبان كما أرادت العصابة فلم يدهسه القطار المقابل فسقط مصابا بعدة كسور ودخل في غيبوبة تامة فشاهده المارة و نقلوه الى مستشفى إيتاي البارود وبعد عشرة أيام فاق من غيبوبته وأعطاهم عنوان خالته التي تسلمته لاستكمال علاجه وبقي شهورا مختفيا خوفا من عثور العصابة عليه رغم حالته السيئة حتى قبض عليه وكان رسميا في عداد الأموات بعد اعتراف العصابة بقتله رمياً على طريق القطار وعندما علمت أسرة زعيم العصابة برغبة وليد للذهاب للمحكمة تلقى الطفل تهديداً للتراجع لكنه لم ينس ما فعلته به العصابة و كانت الصدمة للعصابة عندما رأوه في المحكمة حيا ولم تفلح صيحات التهديد له في التراجع عن شهادته.
حناطة والتوربيني يختلفان
النموذج الثاني من الشهود الضحايا الطفل “كريم مجدي” بدأت مأساته بعد أيام من ولادته حين دبت الخلافات بين والديه واختطفه والده انتقاما من أمه وبعد سنوات ضاع منه في الزحام و أصبح من أطفال الشوارع ليسقط في براثن التوربيني و عصابته و فشلوا في قتله بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم.
وحين العثور عليه علمت بها أمه التي ظلت لسنوات تحاول اقتفاء أثره وحضرت الأم لشرطة الأحداث ومعها شهادة ميلاده وتعرفت على “وحمة” في جسده يوجد أخرى مثلها تماما في جسدها أيضا وتسلمته الأم بعد التعهد بإحضاره عندما تطلبه المحكمة و هو ما حدث فعلا حيث اعترف كريم ولم يفلح تهديد أفرادها له فهو لم ينس ما تعرض له على أيديهم.
الشاهد الثالث جمال الفطايري له قصة لا تقل إثارة عن سابقتها... ولكن الإثارة الحقيقية تمثلت في كيفية نجاته من قتله. صرخاته أمام المحكمة التي أدت الى تنحي عدد من المحامين و انسحابهم من الدفاع عن المتهمين.. انتهى أفراد العصابة من اغتصابه وقرروا تنفيذ الشق الثاني كالمتبع مع كل الضحايا بقتله.
و لكن شيئا ما جعل التوربيني يدخل مع مساعده “حناطة” في خلاف ادى الى تأجيل القتل.
انسحاب المحامين
المستشار احمد قاسم رئيس المحكمة سأل الطفل عما إذا كان له أقوال أخرى فتوقف جمال في مكانه و قال لرئيس المحكمة أتوجه بسؤال للأساتذة المحامين عما سيكون موقفهم إذا تعرض احد أبنائهم لما تعرضنا له من اغتصاب هل كان سيقف ليترافع مدافعا؟ وهنا حدث الصمت في قاعة المحكمة قبل أن يصفق الجميع مما دفع احد المحامين الى أن يطلب من رئيس المحكمة حذف هذا السؤال من محضر الجلسة لكنه فوجئ برفض طلبه كما اخبره رئيس المحكمة ان كل الوقائع و الأقوال التي تدور في القاعة لابد ان تسجل و لا يمكن إغفالها، ومرت دقائق و أعلن 3 محامين انسحابهم وتنحيهم عن الاستمرار في الدفاع عن المتهمين.
وتكتمل فصول الإثارة والمفاجئة في الجلسة ذاتها بإعلان تقرير مستشفى الأمراض النفسية عن سلامة قوى التوربيني العقلية ومسئوليته عن تصرفاته فظهر الانزعاج والاضطراب على وجهي شقيقته وشقيقه حيث بات واضحا أنهما أدركا مصير شقيقهما بل ان شخصية التوربيني الحقيقية ظهرت عقب إعلان نتائج فحصه بأنه عاقل، حيث بدأ يتصرف كشخص واع وعاقل وظهر هذا في ردوده على أي أسئلة ورفعت الجلسة إلى صباح الغد حيث خصصت الجلسة ضمن وقائعها لعرض فيلم يتضمن معاينة تصوير في أماكن ارتكاب الجرائم حيث قام أفراد العصابة بتمثيل كيفية ارتكاب جرائمهم و عندما شاهدوا صوره صرخوا و قالوا انهم تعرضوا للخداع على يد جهات التحقيق حتى يعترفوا بما قاموا به وكانوا يتصرفون بهدوء وهم يضحكون و يدخنون السجائر.
في جلسة اليوم التالي و بعد الاستماع لمرافعة النيابة استمعت المحكمة الى أقوال المتهمين الذين تم إخراجهم من القفص واحدا تلو الآخر .. “التوربيني” اعترف بجريمة واحدة واعترف الآخرون بجرائمهم في مفاجأة غير متوقعة ولاحظت المحكمة إصابة بالغة برأس كل من المتهمين محمد أبو شعيشع وحمادة بزازة وبررا امام رئيس المحكمة سبب إصابتهما من سقوطهم على أرضية دورة المياه لكن رئيس المحكمة أبدى عدم ارتياحه لما ساقوه من تبرير .. وتم كشف سبب الاصابات التي تمت داخل حجز مركز شرطة طنطا حيث كان يتم احتجاز المتهمين ونما الى علم التوربيني وعصابته نية “بزازة” وأبو شعيشع في إراحة ضمائرهما بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها وعندما فشلت العصابة في إقناعهما عن التراجع انهالوا عليهم ضربا بالرأس والركلات وتم احتجازهم وهم مكبلو الأيدي خوفا على حياتهم لكنهم في النهاية توصلوا الى الاتفاق على الاعتراف على أنفسهم وتبرئة زميلهم “مؤمن الجزار” كونه ميسور الحال و تعهد بالإنفاق عليهم في السجن.
الجلسة العاصفة
و جاءت المفاجأة الأخيرة في جلسة اليوم التالي حين تم الاستماع الى مرافعة جميع المتهمين واعلن محامي المتهمين الذي كانت النيابة قد انتدبته انسحابه عن مرافعته قائلا: انه يخجل من نفسه و يشعر بالاشمئزاز لاستمراره في الدفاع عن هؤلاء المتهمين خاصة بعدما استراح قلبه لإدانتهم.
وحين رفعت الجلسة للاستراحة على ان تعود بعد المداولة كانت لحظات ساد فيها الاعتقاد بان هيئة المحكمة ستقر تحديد الجلسة القادمة بعد عدة أيام و لكن كانت المفاجأة عندما فوجئ الجميع برجال الأمن يتلقون تعليمات من داخل غرفة المداولة بإخلاء القاعة إلا من المحامين ورجال الإعلام وفرض حراسة مشددة داخل القاعة وخارجها ما يعني ان المحكمة قررت إعلان أحكامها وان هذه الأحكام ستكون مشددة وهذا ما حدث فعلا فمجرد إعلان إحالة التوربيني وحناطة للمفتي حتى انهار التوربيني لأول مرة منذ القبض عليه ليسقط على الأرض وتتعالى صرخات جميع المتهمين في بكاء شديد ليقوم أفراد الترحيلات بإخلائهم الى خارج المحكمة وكان التوربيني قد جلس في سيارة الترحيلات ومعه حناطة و الآخرون يلطمون خدودهم وتتعالى صرخاتهم لأول مرة.
في ذات الوقت أحاط ضباط مباحث الغربية حول العقيد محمد أبو الفتوح مفتش مباحث جرائم الأحداث خوفا من تحرش احد من أهالي المتهمين الذين تعالت منهم صرخات الغضب ضد الحكم الصادر فيما إنسابت دموع أهالي الضحايا و لكنها كانت دموع الرضا بعدما اقتصت العدالة لأرواح أبنائهم.