الفصل الأول
مشكلة الدراسة، تحديدها، وإجراءاتها
أولا:المـقدمـة:
اللغة وعاء يصب فيه الإنسان أفكاره، ومعتقداته، ويعبر به عما يجول بخاطره من تصورات ومعان، فحواس الإنسان تستقبل المثيرات الحسية (مرئية / مسموعة) وتتفاعل مع ما بها من عواطف، وانفعالات وخبرات، فتتكون مهارات اللغة (استماع، كلام، قراءة، كتابة)، وتنشأ المدركات وتتراكم الخبرات، كما أنها من أهم المعايير التي يقاس بها حضارة الأمم من حيث التأثير، والتأثر، وهي في الوقت ذاته لغة فن لكل ما تنطوي عليه النفس الإنسانية من رؤى، ولكل ما يتحاور داخل الإنسان من مشاعر، فهي الترجمان عن آماله وطموحاته، وغاياته، ووسائله، ومثله العليا0
ومن أهم وظائفها التعبير عن الذات، وتوصيل الأفكار، والمشاعر، والأحاسيس للآخرين، ومشاركتهم فيها، وبذلك يعد التعبير بنوعيه ( الشفوي والكتابي ) هو الثمرة المرجوة من تعليمها، لأنه أداة المعلم في تعليم المتعلم، وأداة المتعلم في توضيح ما تعلمه، وإبرازه للآخرين، والكشف عن مدى فهمه له، فضلا عن كونه مجالا لاكتشاف مواهب المتعلمين الأدبية0
واللغة المكتوبة حوت حضارة البشرية، وميزت الإنسان عن سائر المخلوقات، فقد تميز الإنسان عن الحيوان باستطاعته تسجيل تجاربه كتابة مما أتاح الفرصة أمام الأجيال التالية للاستفادة من هذه الخبرات، وتلك التجارب، وقاد إلى تطور البشرية، بتجنب السلبيات، وتعزيز الإيجابيات، والبداية من حيث انتهى الآخرون، لأن التاريخ يبدأ بالكتابة بدليل تصنيف العلماء للمراحل التي قطعها الإنسان في حياته عبر العصور، حيث يطلق على بعضها عصور ما بعد التدوين أو ما قبله، فالإنسان لم يتوارث مخزونه الفكري، ويحافظ على كتبه المقدسة إلا من خلالها0
ومن ثم تبرز أهمية التعبير الكتابي كوسيلة من أهم وسائل الاتصال، بواسطتها يستطيع الإنسان التعبير عن آرائه، وأفكاره مستخدما جميع المهارات اللغوية حيث يستقبل الخبرات المختلفة من خلال الاستماع والقراءة، ويرسلها إلى الآخرين من خلال التحدث والكتابة، فهو البوتقة التي تُصهر فيها جميع المهارات اللغوية، وتبرز فيها آثار تنمية المهارات الثلاثة الأولى من استماع وكلام وقراءة0
وتزداد أهميه التعبير الكتابي بالنسبة للتلميذ في مراحل التعليم المختلفة، وبخاصة تلميذ المرحلة الإعدادية، باعتبارها من المراحل العمرية التي تعكس قدرا لا بأس به من النضج العقلي، والوجداني، والجسمي الذي يمكنه من التفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه تفاعلا تتحقق معه الأهداف المنشودة؛ إذا وجه هذا التفاعل من خلال الممارسات التعليمية الصحيحة التي تأخذ بيده، وتوجهه نحو إعمال العقل كي يفكر، ثم يعبر، وأخيرا يبدع بما يعود عليه، وعلى المجتمع الذي يعيش فيه بالنفع والفائدة.
لذلك أوصت الأبحاث العلمية بضرورة اختيار استراتيجيات التدريس التي تمكن التلميذ من صياغة أفكاره في صورة لغوية متماسكة، وإجراء مزيد من الدراسات والبحوث التي تتناول موضوع التعبير الكتابي في مراحل مختلفة من التعليم، ووضع البرامج التي تسهم في تنمية القدرات الإبداعية لدى التلاميذ [عفت درويش: 1988BELIVIED ; 1995 .01997 ABDEL FATTAH:0 سمير عبد الوهاب: 1999، 42.HILDEBR; 1999,3]0
وتنمية مهارات التعبير الكتابي تقتضي عرض نماذج من الكتابات المتميزة على التلاميذ، حتى يستطيعوا محاكاتها، لأن الكتابة الإبداعية لا تكتفي بمجرد الدقة والوضوح، بل تتعدى ذلك إلـى التعبير عن العنصر الذاتي في تجربة الكاتب، وبذلك تكون صورة مصغرة للأدب والفن[ حسن شحاته: 1992، 177 ] ومناقشة الأدب تساعد الأطفال على استكشاف أفكار وقضايا ثقافية، واختيار الكتب الثقافية الخاصة، ودراسة الشخصيات، وقراءة ومناقشة الأدبيات [MONTGOMERY: 2001,080;141] إضافة إلى إعطائها جرعة أكثر تركيزاً من الألفاظ والمفردات والتراكيب والموسيقى اللغوية في بحور الشعر، وأوزانه وقوافيه، وألوان البديع المختلفة، ووضع المعاني الكبيرة في ألفاظ قليلة، كما تتيح للتلميذ فرصة الاستعارة، والاقتباس والاستشهاد بالمأثورات، فضلاً عن زيادة ثقافته في المجالات المختلفة، فالأدب نهر متدفق في تزويد التعبير بالمادة العقلية، واللغوية، والوجدانية0
وفي ربط المنهج بين التعبير الكتابي والأدب مسايرة للاتجاهات الحديثة في التدريس، فتحقيق التكامل محاولة للتغلب على فكرة الخبرة المفتتة في منهج المواد المنفصلة، وتنطلق فكرة التكامل من أن الخبرة كل متكامل لا يمكن انفصال أجزائه، ويمكن تحقيق التكامل بينه من خلال مسارات ثلاث: الأول: إيجاد علاقات بين المواد الدراسية، والثاني: ربط المحتوى بالمشكلات الحيوية للمتعلم أو المجتمع، والثالث: تنظيم محتوى المعرفة إلى مقررات عامة، لأن العقل الإنساني وحدة متصلة، كما أن الاتصال له جانبان الإرسال)، و(الاستقبال)، مما يحتم التكامل بينهما لأن التعبير عن الأفكار، وفهم أفكار الآخرين يتطلب تعلم اللغة كشكل منسق مع تعلمها كمضمون، وتعليم اللغة العربية يهدف إلى بناء القدرة التعبيرية، وتتآزر فنون اللغة لتحقيق هذا الهدف [ سمير عبد الوهاب وآخران: 2002، 135 ]0
ولعل من أروع التعبيرات الكتابية ما وصل إلينا من التراث الأدبي " شعراً ونثراً " بما يعكس مقدار العلاقة بين التعبير الكتابي، والإنتاج الأدبي، حيث يستشف فيه القارئ ألوانا من الأساليب الفنية التي عبر أصحابها عن مجالات مختلفة، فقد كان الأدب العربي عبر الزمان مرآة صادقة لتصوير جوانب الحياة0
ولأهمية النصوص الأدبية باعتبارها" وعاء التراث الأدبي الجيد، ومادته التي يمكن من خلالها تنمية مهارات التلاميذ لغوية؛ وفكرية، وتعبيرية، وتذوقية "[ حسن شحاتة وآخرون:1990، 157]حيث تقدم حساً وتذوقاً واستمتاعاً، ورؤية للعالم كله، أكدت الدراسات السابقة: أهمية الدور الذي يلعبه الأدب في إتقان التلاميذ مهارات التعبير الكتابي، حيث تزداد قدرة التلاميذ على توليد الأفكار الجديدة المترابطة عندما يقرؤون نماذج أدبية جيدة قبل قيامهم بعملية الكتابة، وأن تدريب التلاميذ على تحليل النصوص الأدبية يساعدهم في فهم المعنى من خلال النص، والانتقال إلى إتقان مهارات أخرى أكثر تقدماً[POOLY:1980,472 . .BERY: 1988 1991,72: BRANSCOMBE . وحدة اللغة العربية: 1992،16 1999,3.: MORIN]0
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا النصوص الأدبية كمنطلق أساسي لتنمية مهارات التعبير الكتابي؟
الإجابة: لأن تدريسها يسهم في زيادة الذخيرة اللغوية، والقدرة على استخدام الأساليب المختلفة في الكتابة، وغني عن البيان أن فنون الأدب هي ألسنة أحوال المجتمعات الإنسانية، تنطق بأفصح بيان عن عصر مؤلفها وشخصيته، وأحوال أمته [ محمد مناع: 1995، 4 ]، فالأدب سجل حياة البشر، وعرض مشكلات الحياة من خلال الأدب يبرزها باستخدام اللغة المجازية والرمزية، مما يدفع القارئ إلى محاولة التوصل لما يريده الكاتب، ويصرفه عما به من هموم، كما يزيد انتباهه ويفتح عقله، وقد ناقش "شيلي SHELLEY" كيف يجعل الأدب الأشياء المألوفة تبدو كأنها غير مألوفة؟ والعكس، ويأخذ القارئ إلى تراث آخر، ووجهات نظر أخرى، وطرق أخرى من التّعبير، وهذه الرحلة اللغوية تنمي وعي القارئ، فالقراءة والكتابة تكتسبان معنى من الأدب[2001: JOHNSON].
كما أن تدريس النصوص الأدبية كمتغير أساسي يسهم بدرجة كبيرة في تنمية مهارات التعبير الكتابي في جميع المراحل بعامة، والمرحلة الإعدادية بخاصة لأن تدريسها يحقق عدة أهداف من بينها:
ـ تنمية التذوق الأدبي والقدرة على نقده لدى التلاميذ بتعرفهم ألوان الأدب والأساليب المختلفة0
ـ تزويدهم بالقيم الخلقية، والاجتماعية، وطبعهم على المثل العليا الموروثة0
ـ تبصيرهم بما في الطبيعة من جمال عن طريق تناول الشعراء لها في أشعارهم0
ـ وقوفهم على ما يعكسه النص الأدبي من حضارة الأمة، وثقافتها، واتجاهاتها المختلفة، وما يعانيه المجتمع من آلام ومتاعب، وما يسود بين أفراده من عواطف0
ـ إيقاظ الشعور الوطني، والقومي، وإلهاب العواطف لمواجهة خطر يحيق بالأمة، أو دفعها إلى مرحلة جديدة من مراحل تقدمها ونموها0
ـ اتصالهم بتراثهم الأدبي في مختلف العصور0
ـ تنمية وعيهم وولائهم للقومية العربية0
ـ تزويد التلميذ بأداة تحقق له شيئاً من الاستمتاع في أوقات الفراغ0
ـ معالجة بعض المشكلات النفسية، والاجتماعية بقراءة القصص، أو الأشعار التي تنفس عن القارئ ورغباته المكبوتة، ومحاولة التعبير عنها كتابياً [ محمد مجاور: 1998، 412 .علي مدكور: 1997، 216.فتحي يونس وآخران: 1986، 315 . رشدي طعيمة: 1998، أ، 82].
وتزداد أهمية النصوص الأدبية بالنسبة لتلميذ المرحلة الإعدادية، حيث تزوده بالأنماط اللغوية الراقية في أسلوبها، ولغتها بما ينعكس على أدائه اللغوي من خلال التعبير بنوعيه (الشفوي والتحريري )، فللأدب في بناء شخصية الإنسان دور كبير، ووظيفة لا يستهان بها [رشدي طعيمة: 1998، أ، 82]0
والنصوص الأدبية نوعان: شعر ونثر، لكل منهما أهميته ومجاله، ويتجلى النثر في أروع صوره في نصوص القرآن الكريم بما يحويه بين دفتيه من أساليب جميلة، ولغة رصينة، وقصص بديعة، وإيقاع منتظم، وحكم ومواعظ، وإعجاز علمي أعجز العلماء، فقد كان ولا يزال المنهل، والمنبع الرئيس الذي تفرعت عنه جميع العلوم العربية، والشرعية0
كما تمثل النصوص الشعرية أفضل ما جادت به النفس البشرية من مشاعر، وأحاسيس، وهذا يتمشى مع الطبيعة البشرية " فالطبيعة البيولوجية والفسيولوجية للإنسان تتميز بإيقاع منتظم يوجد في خفقة القلب، والتنفس، وحركة السير، وغير ذلك من الإيقاعات الخارجية، ذلك أن الجانب الغريزي يرتبط بإيقاع عملية النطق والكلام، لكن العقل والوجدان يتدخلان في تشكيل الإيقاع حتى يتحول من رتابته الميكانيكية إلى دلالته الفكرية، والانفعالية [ نبيل راغب: 1998، 147]0
وهذا يدعو واضعي المناهج إلى استغلال الأدب (شعره ونثره) في تنمية مهارات التعبير الكتابي، والتساؤل عن كيفية توظيف هذا الأدب في تنمية تلك المهارات باعتبارها أسمى غايات اللغة؟ وذلك يتطلب بناء منهج قائم ليس فقط على الأدب بنوعيه (الشعر والنثر) بل يصحب هذا الأدب نوعًا من الوعي لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية، لأن التعبير له جناحان أحدهما الخيال، والآخر اللغة، والجناحان يوجدان في الأدب، وعند التساؤل عن: متى يعبر التلميذ؟ توضح الإجابة العلاقة الوثيقة التي تربط التعبير بالتفكير من ناحية، وبالإبداع الذي يتضمنه الجانب الأدبي من ناحية أخرى، فالتلميذ يعبر بعدما يفكر، ويفكر بعدما يكون هناك مثير داخلي، أو خارجي يدفعه لعملية التفكير، وعلى قدر هذه المثيرات، وعلى ما لديه من تمكن لغوي، وخبرات سابقة مكتسبة من ممارساته اللغوية المختلفة يكون التعبير " لذلك ينبغي على المعلمين البحث في التفكير لسّببين: 1) أن ذلك قد يؤدي إلى اختبار الارتباطات بين الكتابة والتفكير 2) عودة المعلمين إلى كتابة التلاميذ تجعلهم يكتشفون أنّ تفكيرهم مرئي، فيحسنون من أداءاتهم " [HART & KING: 1997,543 ] وهنا يتدخل المعلم خاصة في المرحلة الإعدادية التي تمثل مرحلة انتقال من الطفولة إلى المراهقة التي تتميز بكثرة الاضطرابات النفسية، وسهولة انقياد المراهق لما يدور حوله من أحداث، لرفع الوعي الأدبي لديه قبل أن تستهويه تيارات غير مرغوب فيها، "لأن المعلم الذواقة له دور كبير في تدريب التلاميذ على الإحساس بعناصر الجمال في النص الأدبي" [رشدي طعيمة: 1998، أ، 88]، ومن ثم قيل إنه حجر الزاوية) في العملية التعليمية [ حسني عسر: 1999، 84]، ومحورها ومركز الحركة فيها، فعليه ـ بعد الله ـ يتوقف نجاحها في تحقيق الأهداف " [رشدي طعيمة: 1998، ب، 183]0
ومن التساؤلات التي تتبادر إلى ذهن المتلقي في هذا الصدد؛ ماذا يعني الوعي الأدبي في إطار الدراسة الحالية؟
والإجابة: أن كلمة الوعي في حد ذاتها ليست جديدة على المجتمع الإنساني، فقد وجدت في تعاملات الأفراد بين بعضهم، حيث يُقال: " هذا الرجل واع " أي ناصح0
وفي الحكم قول ابن القِِِِرِّيَّة: "الرجال ثلاث: عاقل وأحمق وفاجر، فالعاقل: إن كلم أجاب، وإن سمع وعي، وإن نطق نطق بصواب"0
وفي الشعر مثل قول ابن حيوس:
إذا أنشدت كادت لفرط بيانها تعيها القلوب قبل وعي المسامع
ووردت في المعجم الوجيز بمعنى الحفظ، فيقال: " وعى الشيء " أي حفظه وجمعه في وعاء، "ووعى الحديث " أي: حفظه وفهمه وقبله،" ووعى الأمر" أي: أدركه على حقيقته [ مجمع اللغة العربية: 1993، 675]0
ويعبر الوعي من ناحية أخرى عن الحيوية، وانتباه الحواس: كأن يقال: إن الشخص واع أو فاقد للوعي، وقد يعبر عن الفطنة والذكاء، أو الإحاطة بالحقائق، واستخلاص العبر، ومن ناحية أخرى قد يعبر الوعي الاجتماعي عن إدراك الفرد لذاته والظروف المحيطة به، والتصرف بناءً عن هذا الإدراك[ وزارة التربية والتعليم: 2000، 223 ]0
والوعي المقصود في الدراسة الحالية يقوم على أمرين: أولهما: قدرة التلميذ على تجاوز مرحلة الموقف السلبي في مواجهة النص الأدبي، والانفعال به، والاستمتاع في تذوقه، دون القدرة على تحليل مصادر انفعاله، وفهم بواعث استمتاعه بالنص، وتعليله لأسراره من واقع المعارف الكامنة في أعماقه، إلى مرحلة أخرى يصبح فيها قادراً على محاورة النص، وفهمه وتحليله، وثانيهما: تعميق اتجاه تغلغل النص الأدبي في نفس القارئ، وتوظيف قدرته على استرجاع الخبرات السابقة، والإفادة منها في نقده والتفاعل معه0
وقد بدأ الاهتمام بالوعي في أواخر القرن الماضي بدراسة الوعي والاستبطان، ومع ظهور نزعة في علم النفس نحو بناء قوانين "السبب – النتيجة" التي تحكم السلوك، فقد موضوع الوعي جاذبيته، وأدت الجهود الحديثة لمختلف علماء النفس المعرفيين إلى إعادة دراسة موضوع الوعي باعتباره جديرا بالاهتمام، ومفيدا، وضروريا[ روبرت سو لسو: 2000، 216 ]0
ومن الأمور التي يمكن التساؤل عنها؛ إلى أي مدى يوجد وعي أدبي لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية؟ وهل يربط المعلمون بين تدريس الأدب وتدريس التعبير الكتابي أم لا؟
وللإجابة عن هذا السؤال اطلعت الباحثة على الأبحاث والدراسات السابقة، وتابعت المعلمين أثناء تدريس هاتين المادتين في مدارس مدينة أبو كبير، وفحصت تقارير الموجهين، ونتائج الاختبارات الشهرية، وكراسات التعبير التحريري، وفي محاولة لاستطلاع الرأي طبقت استبانة على عشرين معلماً ومعلمة من مدرستين، وخمسين تلميذا وتلميذة من ثلاث مدارس[ انظر بيان العينتين: الفصل الرابع ]، وتبين لها مجموعة من النتائج لخصتها فيما يلي:
1ـ أن التعبير الكتابي، ما زال لا يحظى بالاهتمام والعناية حيث:
أ- وجود نوع من النمطية في معالجة دروس التعبير، تبدأ باختيار المعلم لموضوع أو موضوعين، يناقش التلاميذ فيهما وصولا إلى الأفكار أو العناصر التي يدور حولها كل موضوع، ثم يطالبهم بكتابة الموضوع، ثم تأتي مرحلة التصحيح التي لم تستغل بعد في إعطاء تغذية راجعة لعدم وضوح العلامات التي يضعها المعلم لتحديد نوع الأخطاء بالنسبة للتلاميذ.
ب- كثير من المعلمين لا يركزون في تصحيحهم للتعبير سوى على الأخطاء الإملائية، وقلة منهم يركزون على القواعد النحوية، والأسلوب، دون النظر إلى تناول الأفكار وتطويرها0
ت- غياب الحافز على إنتاج التعبير المكتوب، فإذا كان هذا الإنتاج المكتوب بلا معنى، ولا أبعاد، ولا هدف يرمي إليه التلميذ؛ لا يمكن لهذا المتعلم أن يكون له قلم سيّال0
ث- ضعف التواصل بالمكتوب، إذ أن وسائل الاتصال الحديثة صارت تُغني التلميذ عن إنتاج النصوص المكتوبة، ومن ثم يفقد عادة الكتابة.
ج- عدم وجود ترابط عضوي بين فروع اللغة المختلفة.
ح- قصور أداء مشرف اللغة العربية عن تحقيق مطالب الإشراف على تعليم التعبير الكتابي في المرحلة المتوسطة.
2ـ أن النصوص الأدبية مازالت بحاجة إلى المزيد من الجهود لتنمية وعي التلاميذ بقيمتها، وكيفية تحليلها، ونقدها، والاستفادة من دراستها في مواقف الحياة، والتعبير عنها كتابياً، كما يتضح مما يلي:
أ- تأكيد جميع المعلمين وجود ضعف لدى التلاميذ في النصوص الأدبية، وشكوى التلاميذ من صعوبة المنهج المقرر، وتعذر فهم النص الأدبي، وربما يعود ذلك إلى عدم وعيهم بكيفية التعامل مع النص، ووجود نوع من النمطية، وعدم التنوع في تدريس النصوص الأدبية، وشعورهم بالتباعد بين المنهج الذي يدرس لهم، وما يحدث بالفعل في الحياة العملية0
ب- عدم حث المعلمين للتلاميذ على محاكاة النص الأدبي في أداءاتهم الكتابية، وفي بعض الأحيان تنتهي إجراءات تدريس النصوص قبل مرحلة التقويم0
ت- إهمال الوسائل والأنشطة في المادتين ( النصوص/التعبير الكتابي ) والاقتصار على السبورة، والكتاب المدرسي في عرض المادة التعليمية.
ومن ناحية أخرى أكدت الدراسات والبحوث ضعف مستوى التلاميذ في كل من التعبير الكتابي والنصوص الأدبية من حيث: الفهم، التطبيق، التحليل، التركيب، التقويم، وأن واقع تدريسهما في الوقت الحاضر دون المستوى المأمول، ويتضح ذلك من: عدم قدرة التلاميذ على التعبير عن حاجاتهم، أو مشكلاتهم تحريرياً بلغة صحيحة، ووجود كثير من الأخطاء اللغوية، وركاكة الأسلوب، وضحالة الفكر، وعدم القدرة على التصوير، والتعبير الإبداعي، ورداءة الخط، والأخطاء البلاغية، وسوء استخدام الضمائر، والانتقال المفاجئ من الخطاب إلى الغيبة، ومن الجمع إلى المفرد، والجهل في استخدام علامات الترقيم،كما أكدت: وجود قصور في أداء معلمي اللغة العربية على اختلاف فئاتهم في تدريس النصوص الشعرية[ عيطة يوسف: 19870بدر النعيم: 1997، حسن مسلم 2000 . عاطف القليني:02000 محمد حسب النبي: 2002]0
وليس الأمر مقصورا على البلاد النامية فقط، بل تعاني منه الدول المتقدمة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعاني من أزمة شديدة في قدرة المتعلمين على الكتابة بلغة إنجليزية سليمة إلى الحد الذي جعل الكونجرس الأمريكي يطالب بتزويد الجامعات بفصول علاجية في الكتابة، بناءً على التقارير الوطنية الواردة من الجامعات والكليّات [COCHRAN: 2001 ]، فالكتب الدراسية لم تتغير منذ فترة طويلة، ولم يخير التلاميذ في محتواها، والكتاب يهتمون ببيع الكتب أكثر من اهتمامهم بتعليم التلاميذ الكتابة، والمعلم يدرك أهمية تشجيع التلاميذ على توليد الأفكار الجديدة لكنه لا يعرف كيف يكون ذلك؟ بل إنه مقتنع بضرورة إقناع التلاميذ بأهمية تقييم أفكارهم، وكتابة المقالة المقنعة، لكنه لا يعرف كيف يقنعهم؟ [DAZZLE: 2002 ].
كما أكدت الدراسات والبحوث والأدبيات:أن المنهج الحالي لم يحقق بعض الأهداف المنشودة منه، لوجود فجوة كبيرة بين الأهداف الموضوعة لتدريس النصوص وواقع تدريسها في المدارس، وأن النمط الفكري السائد في المدارس هو الحفظ والتلقين، والاستيعاب؛ مما يضعف روح الخلق والإبداع، بدليل عزوف التلاميذ عن القراءات الأدبية، وتعثرهم في دراسة الأدب في مراحل التعليم المختلفة، والخروج عن فكرة الموضوع، وعدم استيفاء عناصره، وحفظهم لعبارات مجازية عامة يعوزها الضبط والتحديد، يستظهرونها دون أن يكون لها مدلول واضح في أذهانهم، كما أكدت أيضا وجود ضعف واضح في قدرة التلميذ على تذوق الشعر، وأن واقع تدريس النصوص والأدب في المدارس لا يسير على الوجه المرضي، لعدم وعي المعلمين بأسس التدريس الإبداعي، وإلقائهم للنص على وتيرة واحدة مما يفقده حرارة النبض، وتركيزهم على جانب الحفظ دون الجوانب الأخرى، ومعالجتهم للنصوص معالجة هامشية تركز على شرح المفردات، واستخراج بعض مواطن الجمال، واستخدام بعض المعلمين العصا في التسميع، فيه إجبار للتلاميذ يقتل فيهم كل إحساس باللغة، وتذوقها، مما أدى إلى بغضهم لدراسة الأدب، ونفورهم منها، وفشلهم في الإلمام بالصور الفنية التي يتناولها النص [سمير عبد الوهاب: 19850 محمد عبد القادر: 1987 0 محمود دسوقي: 1989 0 زكي نجيب: 1987، 293، حسن شحاتة: 1992، 182، معاطي نصر: 1998، 130 0 فتحي عامر: 1999، 127: 128 0 السيد حسين: 2001، 84 0 محمد حسب النبي 2002].
وهذا يعكس بعض نواحي القصور في معالجة هذين الفرعين المهمين، فالنصوص الأدبية النابضة بألوان الجمال، والمشاعر الفياضة، والموسيقى العذبة، وروعة الأسلوب، ودقة الألفاظ الموحية بالمعاني، تفقد رونقها حينما تدرس كما لو كانت مادة خالية من المشاعر والأحاسيس، ولهذا قيل قديماً: "إن العالم حافل في كل عصر بآلاف مؤلفة من المبدعين الذين لم يخرج إنتاجهم إلى الناس لا لسبب إلا أنهم لا يستطيعون الوصول إلى الوسيلة التي يعبرون بها عن أنفسهم؛ لعدم إتقانهم وسيلة من وسائل التعبير [محمود ذهني: د0 ت، 65 ].
وأمام ذلك الضعف تعددت الآراء، وتباينت وجهات النظر في توضيح الأسباب، فقد يعود هذا الضعف إلى المعلم وطريقة تدريسه، حيث يرى بعض النقاد أن المشكلة ترجع للمعلم والمنهج، ويؤكدون وجهة نظرهم بأنه عند الاستماع إلى تلميذ في سن العاشرة مثلا يتحدث إلى صديق له عن مباراة أو مشاجرة، أو رواية شاهدها في السينما يقص ذلك في تسلسل وتتابع، ودقة وإحكام [عيطة يوسف: 1985، 362 ]، وقد تعود المشكلة للمنهج، وإغفاله احتياجات التلاميذ، وقدراتهم، أو التلميذ، وعدم رغبته في التعلم، أو عدم الدقة في تصحيح اختبارات التعبير الكتابي، وتدريس التعبير بمنأى عن النصوص الأدبية، وهنا تبرز مسئولية المنهج الدراسي عن كثير من المشكلات التي يعاني منها التلاميذ في دراسة الأدب لعدم مراعاته للفروق الفردية، فوجود حالات تفوق دراسي مرتبط بوجود حالات من التأخر الدراسي، وواقع المناهج الدراسية يشير إلى أنها غالبا من النوع التقاربي الذي يحجب ظهور المواهب، ويعوق التعبير عنها، مما يعد على حد تعبير فؤاد أبو حطب: "مذبحة تربوية" [ أحمد اللقاني: 1996، 65 ]،" ولكي تظهر الأمور على حقيقتها يجب إدراك أن مركز الشعر مهدد اليوم "[ ستيفان سيندر: 2001، 112 ]، وبذلك تشير أصابع الاتهام إلى المنهج الدراسي بكل عناصره لإغفاله طاقات، واحتياجات التلاميذ، وسيره في أطر تقليدية لا تنمي الوعي الأدبي الذي أصبح ضرورة ملحة حتى يستطيع التلميذ الاعتماد على ذاته في التعامل مع النص، وفهم ما وراءه، وفي بعض الأحيان محاكاته، مما أدي إلى ضعف القدرة التعبيرية لديه.
وأيا ما تكون الأسباب فإن الحاجة أصبحت ماسة إلى إعداد منهج ينمي بمعارفه، وطرائق تدريسه، ووسائله، وخبراته الوعي الأدبي لدى التلميذ؛ مما يسهم في تنمية قدرته التعبيرية؛ حتى ينفس عن رغباته، وينشر خبراته للآخرين من خلال تبني مدخل جديد هو تنمية الوعي الأدبي، بما يسهم إيجابا في مهارات التعبير الكتابي مسايرة للاتجاه العالمي الذي ظهر في إنجلترا في الثمانينات في صورة مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي انتشـرت، وأثبتت فاعليتها في تنـمية الوعـي في مجـال تعليـم اللغات[PIPER;1988. 3. HARMAN: 1991. 320. SANCHEZ; 1991 .1 0.LINDAHL: 1991,19 CONNOR ; 1992 , 16 .0 HAWKINS:1992 . FRANCIS; 1994, 9 PETROPOULOU; 1992, 14 . GASTON: 1992, 11 HOFFMAN:1996 , 19.0 STUTZ; 1996, 29 BLUMSACK; 1999,030 RENOU:1999F
وتؤكد الدراسات السابقة: ضرورة إدراك المعلم للنّشاطاتِ التّعليميةِ التي تنمي الوعي لدى تلاميذه، وفهمه لمعتقداتهم وقدراتهم، وقدرته على حل ما يواجههم من صعوبات باستغلال بعض الحواس في التعلم من خلال التركيز على الحواس الأخرى، ثم الانتقال إلى الحواس الضعيفة، فمن المحتمل استخدام جميع الحواس ولكن بدرجات متفاوتة، والربط بين النظرية والتطبيق، والعمل التعاوني، والتكامل بين الأبعاد اللّغوية، والأبعاد التّربوية، مما يتطلب تشجيع التلاميذ على الملاحظة، والرسم والإنتاج من المتاح المتوفر، لأن الوعي اللغوي لدى المتعلم ينعكس بصورة إيجابية على مستوى أدائه، وأنه يمكن تحقيق نتائج طيبة في تدريب الأطفال الضعاف لغوياً من خلال تنمية وعي الطلاب المعلمين بالتطور اللغوي لديهم أثناء حياتهم اليومية، وحددت العوامل التي تؤثر في وعي المعلم في: تراث بيته، وخبراته التي تشكل هويته، والعرقية والجنسية داخل قاعة الدروس، كما أن هناك علاقة موجبة بين وعي المعلم بسلوكيات تلاميذه القادمة، وبين سهولة تأثيره على تلك السلوكيات، وأن أساس استيقاظ الحياة الإنسانية هو تنمية الوعي لدى المعلم بكيفية تفسير الأفكار الموجودة في النص"
[ MENOHER ; 1986,7 . LUNDBERG; 1988, 84. ADAMS; 1986. 2. DOWNES: 1999, 240SIGNER:2002, 37. SANCHEZ ; 1999, 26 HAMADA; 1999, 9]
كما أكد أحد الكتاب أهمية تنمية الوعي الأدبي لدى العرب حتى يستطيعوا مواجهة العدوان الصهيوني إلى الحد الذي جعله يطلق على الأدب المعاصر: " إنه أدب الوعي، والقدرة على تجاوز الأزمات الشعبية، والحروب والاضطهاد والقهر، كما إنه أدب إنساني من حيث هو دعوة لتقوية الذات في مواجهة الآخر" [ حسام عبد القادر: 2002]، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن تكون البداية من المدرسة، فهي المسئولة عن تربية النشء، المراد تنمية هذا الوعي لديه، حتى يستطيع مستقبلا نشر الوعي بمتطلبات الأمة من خلال قراءاته وكتاباته، وتعرفه ما له من حقوق، وما عليه من واجبات، وهذا يتطلب: وجود معلم قادر على تنمية الوعي الأدبي لديه، وترجمة هذا الوعي إلى واقع ملموس داخل الفصول.
والسؤال الآن: لماذا يكون المعلم مطالبا بتنمية الوعي الأدبي لدى تلاميذه وفق هذا الاتجاه؟
ويمكن الإجابة عن هذا السؤال في عدة نقاط من بينها:
- توسيع دائرة المعلومات لديه، وتزويده بقدر من المعلومات يكون لديه مخزون ثقافي ينعكس على شخصيته وسلوكياته.
- تزويده بإطار عام لتنظيم المادة التعليمية وكتابتها.
- تدريبه على التعامل مع النص بصورة ذاتية.
- تدريبه على مهارات النصوص الأدبية، وكيفية استغلالها في التعبير الكتابي.
- تنمية الوعي اللغوي لديه، ومساعدته في التعرف على كيفية استخراج مواطن الجمال والتعبير عنها كتابياً.
- تنمية قدرته على مواجهة ما يواجهه من صعوبات أثناء الموقف التعليمي.
- سداد الفجوة بين ما وضع من أهداف، وما هو كائن أثناء عملية التدريس.
- إيجاد تلاميذ لديهم كفاءات تعليمية قادرة على التذوق الأدبي، والتعبير عما بالنص من أفكار ومعان وجماليات [ FRANKEL, 1994 HYDE ,1994 . CULLEN ;1994 . WRIGHT; 1993. SUMPTER, 1993. BYRAM , 19850 إبراهيم وحش:1991، 48]
ومن هنا تبرز أهمية تنمية الوعي لدى كل من المعلم والمتعلم بالسلوكيات المرغوبة، بحيث تتحول هذه السلوكيات إلى موجهات توجه سلوكهما، فالوعي المتكامل أساس الملكات، وتنمية المواهب، وهو السبيل لتحقيق التفرد والتميز والنجاح الشامل، مما يتطلب الاستزادة من العلم والمعرفة لأن المعرفة غذاء الوعي، والوعي الأدبي له بعدان أساسيان هما:
- التفاعل مع الموقف التعليمي، بمعنى أن يتعلم التلميذ: أي يكون لديه إجابات واضحة عن الأسئلة التالية: ماذا أتعلم؟ لماذا أتعلم؟ متى أتعلم؟ كيف أتعلم؟
- محتوى المنهج، وتكون مهمة التلميذ: كيف يتعدى حدود ما هو مكتوب إلى ما وراءه؟ وذلك يتطلب: مزيدا من الجهد من قبل واضعي المناهج في إعداد البرامج الإرشادية التدريبية للمعلمين الذين يقومون بتدريس النصوص الأدبية، ودليل المعلم، وحث التلميذ على التثقيف الذاتي، وإعطاءه المادة العلمية التي تنمي معارفه وقيمه واتجاهاته، بصورة تستثير تفكيره، وتجعله يعمل عقله من خلال الطرائق والأنشطة المختلفة، لمواجهة ما يصادفه من صعوبات داخل المدرسة وخارجها، ومن هنا نبعت فكرة هذه الدراسة0
ثانياً: الإحساس بالمشكلة:
في الوقت الذي أكدت فيه الدراسات الأجنبية أهمية الوعي، وتنميته لدى التلاميذ في المواد الدراسية كافة، فإن الواقع الحالي يؤكد إغفال منهج اللغة العربية هذا الجانب على المستويين البحثي والتدريسي في اللغة العربية، فالأبحاث التي اهتمت بالوعي الأدبي خاصة في اللغة العربية بمراحل التعليم العام تكاد تكون معدومة، ولم تعثر الباحثة على دراسة عربية واحدة في هذا المجال، إضافة إلى أن الواقع الحالي لتدريس الأدب يعكس أن تدريسه يقف عند حدوده، ولا يتعدى هذه الحدود، فليس ثمة تأثير لدراسة الأدب في مراحل التعليم العام على استخدام التلميذ للغة في صورتيها (المنطوقة والمكتوبة)، مما يؤكد ضرورة البحث عن مداخل جديدة لمعالجة النصوص الأدبية في المرحلة الإعدادية بما يكفل تنمية المهارات اللغوية، وبخاصة في التعبير الكتابي حتى يصبح التلميذ قادرا على تخطي ما هو مكتوب في النص الأدبي إلى إدراك ما وراءه.
ولعل المدخل الذي تتبناه الدراسة الحالية ( الوعي الأدبي ) قد يسهم إلى حد كبير في تحقيق هذا الهدف.
وانطلاقاً مما أكدته الدراسات السابقة من أهمية تنمية الوعي لدى كل من: المعلم، والمتعلم في اللغات الأخرى، وضرورة التكامل بين فروع اللغة المختلفة [محمود الدسوقي:1989. 1986, 6: GOWDA0علي مدكور: 1997، 64. محمود سليمان: 1998، زوينة الجهوري: 2002]، وامتداداً لهذه الدراسات نبعت فكرة هذه الدراسة0
ثالثا: تحديد المشكلة:
تتحدد مشكلة هذه الدراسة في: ضعف تلاميذ المرحلة الإعدادية في مهارات التعبير الكتابي باعتباره أرقى المهارات اللغوية، وافتقار الميدان لمداخل جديدة يمكن من خلالها تنمية مهارات التعبير الكتابي مثل مدخل الوعي الأدبي0
ويمكن التصدي لهذه المشكلة من خلال محاولة الإجابة عن السؤال الرئيس التالي:
- كيف يمكن تنمية مهارات التعبير الكتابي لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية من خلال منهج مقترح في اللغة العربية قائم على الوعي الأدبي؟
ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة التالية:
1- ما مهارات التعبير الكتابي التي يجب تنميتها لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية؟
2- ما مدى تمكن تلاميذ المرحلة الإعدادية من هذه المهارات؟
3- ما أسس بناء منهج في اللغة العربية قائم على الوعي الأدبي يمكن أن ينمي مهارات التعبير الكتابي؟
4- ما فاعلية المنهج المقترح في تنمية مهارات التعبير الكتابي لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي؟
رابعاً: أهداف الدراسة وأهميتها:
• تهدف الدراسة الحالية إلى: رفع كفاءة التلاميذ في التعبير الكتابي من خلال تصور لمنهج يزود التلميذ بالمعلومات، والخبرات التي تنمي الوعي الأدبي لديه0
• وتتلخص أهميتها في: الموضوع الذي تعالجه؛ وهو تنمية الوعي الأدبي لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية، إضافة إلى أنها:
1- قد تفيد المعلمين في: تزويدهم ببعض المعلومات، والخبرات التي تنمي وعيهم بكيفية تدريس النصوص الأدبية بما يسهم في تنمية مهارات التعبير الكتابي0
2- قد تفيد الموجهين في: تزويدهم بأداة لقياس الوعي الأدبي لدى تلميذ المرحلة الإعدادية0
3- قد تفيد التلاميذ في: وجود المناهج التي تفجر طاقاتهم، وتكشف عن مواهبهم وتنميها، كما أن تمكينهم من قدرات ومهارات ( التعبير الكتابي والنصوص الأدبية ) يعد من أهم الأهداف التي تسعي التربية الحديثة إلى تحقيقها، لما يترتب عليه من تعديلات جوهرية في شخصياتهم0
خامساً: حدود الدراسة:
تقتصر هذه الدراسة على:
1-المنهج الخاص بالصف الأول من المرحلة الإعدادية لأنها نتاج مرحلة سابقة، وتأسيس مرحلة مقبلة، كما أن الصف الأول يمثل بداية المرحلة، ويمكن الاستفادة من نتائج الدراسة باستمرار تطبيقها في الصفوف التالية عام 2003.
2- التركيز على أبعاد الوعي الأدبي، ومهارات التعبير الكتابي المختارة من قبل المحكمين بنسبة 80% وما فوق.
3- بعض مهارات التعبير الكتابي التي أسفرت الدراسة الميدانية عن ضعف التلاميذ فيها.
4- مدارس مدينة " أبو كبير" لأنها تضم تلاميذ من الريف والحضر لتكون ممثلة للمجتمع الأصل.
سادسا: تحديد المصطلحات:
تتضمن هذه الدراسة ثلاثة مصطلحات رئيسة، سيتم الإشارة إلى المعنى اللغوي لكل مصطلح زيادة في الإيضاح، ثم المعنى الاصطلاحي، وهذه المصطلحات هي:-
1- الأدب Literature:
• ومعناه لغة: مُحَرَّكَةً: الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ، أَدُبَ، كَحَسُنَ، أدَباً فهو أدِيبٌ، جمعه: أُدَباءُ. وأدَّبَه: عَلَّمَه، فَتَأَدَّبَ واسْتَأْدَبَ. والأُدْبَةُ، بالضمِّ،والمأْدُبَةُ والمَأْدَبَةُ: طَعامٌ صُنِعَ لِدَعْوَةٍ أو عُرْسٍ، وفي الحديث "إن هذا القرآن مأدبة الله في الأرض فتعلموا من مأدبته"، والأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس ؛ وسمي أدبا لأنه يدفع الناس إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح [ابن منظور: د 0 ت] 0
وتطور مفهومه اصطلاحا بتطور الحياة، فقد وردت كلمة الأدب عند الجاهليين بمعنى: الدعوة إلى الطعام كما في قول أبو العتاهية:
ما استعبد الحرص من له أدب المرء في الحرص همه عجب
وفي العصر الإسلامي استعمل الرسول كلمة "أدب" بمعنى: التهذيب والتربية، ففي الحديث الشريف "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، وكذلك يطلق في اللغة على الجمع، وسمي أدباً؛ لأنه يؤدب الناس- أي: يجمعهم إلى المحامد- وهو الخصال الحميدة [ محمد المنجد: 2002 ]
وفي العصر الأموي، اكتسبت كلمة "أدب " معنى تعليميا يتصل بدراسة التاريخ، والفقه، والقرآن الكريم، والحديث الشريف، وصارت تعني تعلم المأثور من الشعر والنثر، وفي العصر العباسي استخدمت بمعنيين هما: التهذيب والتعليم [ المدرسة العربية: 2002]، وفي هذا يقول البحتري[ المجمع الثقافي: 2001 ]:
ولعمري لقد تدبرتُ معرو فك عندي فلم يكن بعجيب
نسـبٌ بيننا يُؤَكِّدُ منـهُ أدبٌ والأديبُ صنوُ الأديبِ
كما يقول أبو هلال العسكري [ المجمع الثقافي: 2001 ]:
لو تم شيءٌ من الدنيا لذي أدبِ لانضافَ مالٌ إلى علمي وآدابي
ويقول أبو نواس [ المجمع الثقافي: 2001 ]:
والله لولا الحيا ممن يُفَنِّدني لَما نَسَبتُكَ ذا علمٍ وذا أدبِ
• ومعناه الاصطلاحي الحديث: التعبير باللفظ الجميل عن المعنى الجميل، وهو بهذا المعنى فن من الفنون الجميلة التي تعبر عن مشاعر النفس، وتؤثر في الوجدان، والعاطفة والخيال، ويعرف الأدب في اللغة العربية بأنه: ما أثر عن الشعراء والكتاب والخطباء والحكماء من بدائع القول المشـتمل على تصوير الأخيلة الدقيقة، والمعاني الرقيقة، مما يهذب النفس، ويرقق الحس، ويثقف اللسان [ زكريا العمري: 2001].
• وقد تركز مفهوم الأدب في العصر الحديث في كونه الذخر الإنشائي الذي تجود به قرائح الأفذاذ من علماء البيان بما فيه من غذاء للعقل، وإقناع للناس، ومنه: الأدب الوجداني، والتصويري، والخيالي، بحيث يكون صدى لذات الأديب وصورة للمجتمع [ محمد عبد القادر:1987، 244 ]0
• وللأدب معنيان: عام: وهو الإنتاج الفكري العام في شتى ضروب العلم والمعرفة، وخاص: هو ما أنتجه الكتاب والشعراء من جميل النثر والشعر مما يصور عاطفة أو يصف منظرا، ويشترط فيه أن يحدث في نفس قارئه أو سامعه لذة فنية وإعجابا [ رشيدي طعيمة ومحمد مناع: 2000، 19 ] 0
ـ وعرف بأنه: الكلام البليغ الصادر عن عاطفة الأديب المؤثر في النفوس، وله أربعة أركان هي: العاطفة الصادقة، والأفكار الجليلة، والعبارات الجميلة، والخيال المصور [ رشدي طعيمة ومناع: 2000، 20 ].
ومن خلال التعريفات السابقة للأدب يتضح ما يلي:
- أن مفهوم الأدب شامل يتسع ليشمل عدة مجالات ومعان0
- تطور هذا المفهوم عبر العصور وفقا لمقتضيات العصر وطبيعة المعرفة0
- أن الأدب في معناه الشامل يتضمن التعبير عن المشاعر والأحاسيس0
والباحثة تتبنى التعريف الأخير مع بعض التعديل حتى يتمشى مع الدراسة الحالية، وبذلك يصبح التعريف: الكلام البليغ الصادر عن عاطفة الأديب المؤثر في النفوس، وله خمسة أركان هي: العاطفة الصادقة، والأفكار الجليلة، والعبارات الجميلة، والخيال المصور، والقدرة على التعبير0
2 ـ الوعي الأدبي Awareness Literature:
يمكن التوصل إلى تعريف للوعي الأدبي من خلال تعرف معنى كل من " الأدب " و"الوعي "، وبما أنه قد سبق تعريف الأدب؛ تعرض الباحثة لبعض تعريفات الوعي، وذلك على النحو التالي:
الوعي لغة من وَعى الشيءَ في الوعاء وأَوْعاه: جَمَعَه فيه ؛ ويقال: " لا وعي لك عن ذلك الأمر، أي لا تماسك دونه، و"مالي عنه وعي" أي بد، وفي الحديث: لا تُوعِي فيُوعَى عَلَيْكِ أَي لا تَجْمَعِي وَتَشِحِّي بالنَفقة فَيُشَحَّ عَلَيْكِ وتُجازَيْ بِتَضْيِيقِ رِزْقِكِ [ابن منظور: د0ت،4670 ]، وفي الحديث: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فرب مُبلِّغ أوعى من سامع وأذن واعية"، والواعي الحافظ الكيس [ابن منظور: د 0 ت،396]، وفرق الشوكاني بين معنى الوعي بالشيء وأوعيته فقال: وعيت الشيء بدون ألف في نفسك أي حفظته، وأوعيت لعلي: "الشيء بالألف حفظته في غير نفسك، وذكر أن سبب نزول هذه الآية قول الرسول إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وأن تعي، وحق لك أن تعي " فقيل أن [ موسوعة كانت تحفظ كل ما يقوله الرسول الأذن الواعية هي أذن على بن أبي طالب عن الوحي: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس،الذكر الحكيم: 2001 ] ومنه قول الرسول وهو أشده عليه، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول [ محمد بن إسماعيل: 1987، 4 ] 0
وتردد الوعي في مواطن من الشعر مثل قول صلاح لبكي [ محمد فتوح: 1991، 219 ]:
فمالك يا عين لم تهجعي لقد تعب الليل مما تعي
و قول الشريف الرضي [ الموسوعة الشعرية: 2001 ]:
أوعى الدعاءَ فلم يجبهُ قطيعةً أم ضلَّ عنه من البعادِ دعاؤه؟
و قول الشافعي [ الموسوعة الشعرية: 2001 ]:
علمي معي حيثما يممت ينفعُني قلبي وعاءٌ له لا بطنُ صندوقِ
ولا يوجد اتفاق على تعريف موحد للوعي، ومحاولات تعريفه تميل إلى أن تكون حشوا؛ لأنه ظاهرة محيرة يصعب تحديد ماهيتها إلا في ضوء ما تشير إليه، وقد اعتبر "وليم جيمس" الوعي بمثابة وسيلة انتقاءa selecting agency لشيء ما من بين عدة منبهات، يتم فيها إبراز المنبه المختار، والتركيز عليه [ روبرت سولسو: 2000، 215، 2001 Wilse Wilse;]، بيد أن للوعي جذوره؛ فهناك ارتباط بين مادة التعلم والإنسان المتعلم، فالتعلم يعني نقل موضوع التعلم إلى حيز إدراك الإنسان، حيث يصبح الإنسان مسئولا عما يتعلم، ومن هنا يصبح للعالم معنى عندما يدخل في حيز وعيه، وهذا المعنى هو الهدف المنشود [ وزارة التربية والتعليم: 1995، 72 ] 0
والوعي الإنساني صورة للزمان، أو تعبير عنه، فليس الوعي في الحقيقة إلا التجارب السعيدة والشقية، فهو التذكر والتوقع، أي التيار المتدفق من الماضي والمستقبل ولا يتمثل في شيء كما يتمثل في اللغة، ولا تتمثل اللغة في شيء كما تتمثل في الشعر[ أحمد عبد المعطي حجازي: 2001، 13]
وعرف الوعيConsciousness في علم النفس بأنه: إدراك المرء إدراكا عاما ما يجري حوله في لحظة معينة، أو كما قيل: " هو حالنا التي نكون عليها أثناء اليقظة والانتباه، تمييزا لهذه الحال عما نكون عليه أثناء النوم العميق الخالي من الأحلام" [ شركة العريس للكمبيوتر: 2002 ] 0
وقد يشار به إلى وعي الفرد الكامل وانتباهه، أو يقظته، إلا أنه يمتد ليشمل التفكير والذاكرة والتخيل والمشاعر، ويرى "فرنسيس لوكال" أنه يشمل حالات الحياة من النوم إلى أقصى حالات الحذر وتركيز الانتباه في اليقظة [ عبد السلام الشيخ: 1992، 119]0
ـ وعرفه "جون لوك "Locke بقوله إنه: "إدراك المرء ما يدور في عقله هو" [ موسوعة المورد: 2002]
ـ وعرف كذلك بأنه: مخزن الذكريات التي نستطيع استحضارها إلى ساعة نشاء[ موسوعة المورد: 2002] ـ وعرف بأنه: محصلة معرفة وفهم الأفراد وآرائهم واتجاهاتهم وسلوكهم، تجاه الواقع الذي يعيشونه، وتتكون هذه المحصلة من خلال المعطيات (الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية) من خلال علاقة جدلية [ جمال السيسي: 2000 ]0
ـ وعرف بأنه: إحاطة المرء وإحساسه بما يحدث في البيئة، وما يحدث في نفسه من إدراك، ووجدان، ونزوع [ منير وهبة: د0 ت، 153]0
ـ كما عرف بأنه: إدراك الأحداث، أو المنبهات في البيئة، إضافة إلى فهم الظواهر المعرفية مثل: الذكريات والإحساسات الجسمية [ روبرت سولسو: 200، 316 ] 0
ـ وعرف بأنه: معرفة أو فهم المدركات والأفكار والمشاعر [ روبرت سولسو: 2000، 215] 0
ـ كما عرف بأنه: شكل من أشكال الانتباه موزع في النّشاط العقلي يعبر عن الذّكاء الإنساني الكامن في العقل الباطن، وهو عملية ميكانيكية منظمة في مقابل فوضى العقل، لذلك يجب تقديم عناصر محدّدة كاليقظة التي ترتبط بمركز العقل بطريقة ما، لهذا تؤثّر على منتصف الرّأس بشكل مباشر، ويبدأ دور الصّحوة ببطء من حالة الحلم إلى اليقظة [Vipassana: 2001]
ـ وعرف بأنه: مدخل يهدف إلى مساعدة المتعلمين على تكوين، وتطوير إدراكهم لكيفية استخدام اللغة الإنجليزية بطريقة تحقق الاتصال [ Tamlinson :1994 .119] 0
ـ وعرف الوعي الخاص بعلم الأصوات الكلامية بأنه: المقدرةُ على تمييّز مزيج من أجزاء منظومة من الشعر المقفى، أو معالجة أصوات اللغةِ [Gifts & cards , 2001 , 1 ] 0
ـ وعرف الوعي القرائي بأنه: عملية وجدانية معرفية يتم من خلالها ترجمة النص المقروء إلى بنى وأطر معرفية، بحيث يكون القارئ قادرا على تعرف ما يقرأ وفهمه، وتفسيره، ونقده، وإعادة صياغته بالكيفية التي تعكس ذاته وخبراته [ سمير عبد الوهاب: جـ2، 2002، 161 ] 0
ويتفق جميع العلماء على أن " الوعي " ليس عملية " انتباه " للذات، والعالمين الخارجي والداخلي فحسب، لأن بعض الحيوانات تعكس في سلوكها مثل هذه القدرات، إلا أن " الوعي " للإنسان أرفع من "وعي " الحيوان لأنه يتضمن عمليات التفكير العميق، والتخطيط البعيد المدى، واستخدام الرموز، والإحساس بالجمال،وغيرها [ منى كريم: 2002 ]0
وباستعراض التعريفات السابقة يتضح ما يلي:
ـ عدم الاتفاق على تعريف محدد للوعي، نظرا لطبيعته غير الملموسة0
ـ إمكانية الاستدلال على الوعي من خلال السلوك0
ـ تقارب وجهات النظر في اشتمال الوعي على عنصر الانتباه للذات والعالم المحيط0
ـ التأكيد على أهمية كل من: المعرفة والخبرات السابقة في تكوين الوعي0
ـ امتداد الاهتمام بالوعي إلى جميع المجالات0
ومن ثم يمكن التوصل إلى التعريف التالي للوعي الأدبي:
ـ ويقصد بالوعي الأدبي في الدراسة الحالية: ناتج البنى والأطر المعرفية التي تبرز إدراك التلميذ للعلاقات بين الألفاظ والمعاني، وقدرته على الربط بين الأفكار، والقيم والمعلومات المتضمنة في النص الأدبي، وتفسيرها، ونقدها، والتعبير عنها كتابياً، بالكيفية التي تعكس ذاته وخبراته، بحيث يكون هذا الإدراك موجهاً آليا لسلوكه اللغوي فيما بعد0
3ـ التعبير الكتابي COMPOSITION WRITING:
• التعبير لغة من عبَرَ الرُّؤيا عَبْراً، وعِبارةً وعَبَّرَها: فَسَّرَها، وأخْبَرَ بآخِرِ ما يَؤُولُ إليه أمْرُها، وعَبَّرَ عمّا في نفسه: أعْرَبَ، وعَبَّرَ عنه غيرهُ فأعْرَبَ عنه، والكتابَ عَبْراً: تَدَبَّرَه، ولم يَرفَعْ صَوْتَه بِقِراءَتِه، والعِبْرِيُّ والعِبْرانِيُّ: لُغَةُ اليَهودِ، وبالتحريك: الاعْتبارُ، ولُغَةٌ عابِرَةٌ: جائزَةٌ [ الموسوعة العربية: ج2، 2001 ] .
• وجاء التعبير في الشعر بمعنى الإفصاح عما في النفس مثل قول أبو نواس:
وقد حسبتُ لساني ما أبينُ به فما يعبرُ عني غيرُ إيماني
• وقول صفي الدين الحلي:
يعبرُ عن فرطِ الحنينِ أنينها ويعربُ عما في الضميرِ ضمورها
ـ عرف التعبير الكتابي اصطلاحا بأنه: استخدام الرموز الكتابية في صوغ الفكر للتعبير عن حاجات اتصال الناس، أو التعبير عن المشاعر استخداما دقيقا، ومقبولا لدى القارئ والسامع لمراعاة الكتاب المقام، وبحيث يؤدي المضمون، وفق مقتضى الحال [عبد المنعم عبد الصمد: 2001، 136]0
ـ وعرف بأنه: وسيلة للاتصال بين الإنسان، وأخيه الإنسان بقطع النظر عن بعدي الزمان والمكان [حسن شحاته: 1992، 243 ]0
ـ كما عرف بأنه: عملية تعد نوعاً من الخلق أو الإبداع الأدبي، أو هي نوع من كتابة تقارير البحوث العلمية، لها أساس، ومسار وختام وشكل، ومعالجه، ونهايتها اكتمال خلق الموضوع، وشكلها هو النظام والجمال، والتناسق، والوضوح في المكتوب [ حسني عصر: 2000، 250 ]
ـ وعرف أيضا بأنه: امتلاك القدرة على نقل الفكرة أو الإحساس إلى الآخرين كتابة، مستخدما المهارات اللغوية [ رزق أبو الأصفر ومحمود مخلوف: 1998،48]0
وباستعراض التعريفات السابقة يتضح ما يلي:
ـ التركيز على أهمية التعبير كوسيلة اتصال0
ـ اعتبار التعبير نوعا من الإبداع الأدبي0
ومن ثم يمكن تعريفه بأنه: وسيلة لإبراز المشاعر والأحاسيس، بصورة منسقة، لها بداية ومسار وختام، يستطيع الإنسان من خلالها معالجة الأفكار التي تجول بخاطره، بلغة عربية سليمة جذابة، خالية من الأخطاء اللغوية والأسلوبية0
سابعًا: إجراءات الدراسة:
للإجابة عن الأسئلة التي تحددت بها مشكلة الدراسة، تقوم الباحثة بما يلي:
1- تحديد مهارات التعبير الكتابي الملائمة لتلاميذ المرحلة الإعدادية من خلال:
أ- الإطلاع على الدراسات والكتابات التي دارت حول التعبير الكتابي، والنصوص الأدبية والوعي، وذلك بهدف:
- تعرف المحاور العامة التي دارت حولها هذه البحوث، وتحديد أهم الأهداف العامة والخاصة بمنهج اللغة العربية، وأهم المعايير والأسس والخصائص الفنية واللغوية التي يجب مراعاتها عند اختيار المواد الأدبية0
- الاستفادة من المناهج البحثية التي استخدمتها هذه البحوث في معالجتها لمشكلاتها، وتعرف أهم الأدوات المستخدمة فيها، وكيفية بنائها0
- تحديد أوجه العلاقة بين الوعي الأدبي، وا